الخميس، 7 يوليو 2011

انتصاف الليل فى باريس









Comment allez-vous, Monsieur?
يرد تحية النادل بإمائة راسه،وهو يضع فنجان القهوة امامه بمقهى"الكارديدور"الشهير بينما يطالع الجريدة التى يرأس احد اقسامها ثم يتصفح الجرائد المنافسة ،اخبار الوطن بالصفحات الداخليه تضربه بموجة حنين اعتادها وفقا لحالته النفسية،وينهيها بسؤال:لمن الرجوع؟الاهل اخذهم الموت تباعا،الاصدقاء بعدتنا الايام.
تهتز صفحة قهوته،لهطول المطر،،زخاته المتتابعه تذكره بجملة حبيبته –فيما مضى-
"اولى قطرات المطر قبلاتى لك،وماتلاها قبلات الحب لنا"
يمسك قداحته الذهبية ويشعل سيجارة ..يعلو بزانة الحنين فوق كبرياء عناده



،، اهتزت اراضى وسمائى لامطارها،،احتوائها.. دفئها لم المسه مع غيرها


ظننتها تجسيدا لاحلامى واشواقى
...يشعل سيجارته الثانية ..حتى افقت لأقف على اطلال حبا،ناثرا رماده-متعمدا- بقدمى

-امامها- .
سافرا بمنحة لدراسة علوم الصحافة بباريس.ثلاث سنوات من الصداقة والاحلام فالحب
والمتعة،..الخلافات..الاشواق والعتاب،عاشا الحرية والفنون ،الرقى والجنون ،،تعاهدا على الزواج،لكن القدر اقام ثورة على عشقهما وفتح عالم جديد وآفاقه الرحبه امامه..اغره بجموح الطموح ،،وبرعونة الشباب اغتر بنفسه وبقدراته..عثر على مفرادت ذاته بين جناباته ،ومجون هذا العالم ناسب جنونه..ترقى بدرجاته فاعتلى قمته مما جعله لم يندما يوما عليها.
تشدق امام الاخرين بانه اراد فراقا مثاليا،لكنها قابلته بعاصفة،لم يفطن انها
تدافع عن نفسها امام ظلمه
تدافع عن عفت روحها التى تلطخت بانامله الشيطانية.
.فخرج عن السيطرة كراقص برقصته المتوحشة الاخيرة . تجاوز الايقاع وتداخلت خطواته، مقابلتها كلامه حجة بحجة .. اهاجه .دار ولف حتى انهى رقصته بتسديد حربة بلحمها، ليبدا مرحلة جديدة بحياته .
كان فراقا داميا بكل المقايس..
تهتدى الى مسامعه -بعد ضلال- نغمة موسيقية متباطئة،،لكنها تحدث-زلزلا-مفاجأ له، يقابله بدهشة توقيته وحواره الداخلى
ببرودينفض رماد -الحدث- ليبحث عن مصدرها،بينما تبدأ كلمات الاغنية
. سلمللى عليه قوله ..انى بسلم عليه..بوسيللى عينه قوله انى ببوس عينه
..يرى اشراقة عينا ،اهال عليهما التراب منذ زمان،ويتسرب إليه دفئا نساه
انت ياللى بتفهم عليه..سلمللى عليه ..سلم
قوله عيونه مش فجاة بيتناسو .. ضحكات عيونه ثابتين ما بينقصوا
تتوه من شفتيها الحروف فتنهى محادثتها الهاتفية،،تسرى قشعريرة بجسدها..وينتفض قلبها لذكرى تحفها الاشواك
أطفل رحم حبى ،،أم رجل وجعى الابدى ..تتوه بينهما
يتخضب الحاضر بدماء ماضيها.
.انه من تنكر لما بينا فى سبيل مستقبله،،والعذر انها لم تكن ماتوهمه،، و تمزق صورة فتاة احلامه المثالية،

بعد ثلاث سنوات- وهو –بالطبع-يرغب بالكمال
.كأبليس تلاشى ،لم يترك ألا بصمات اصابعه بجسدى تؤكد سابق وجوده،،تركنى اتحمل وزر دخوله حياتى وحدى
هروب عينيها من وجه المحدق بها يؤكد له
ظنه،وبثقه يتجه اليها ويبادر بالسؤال:
EXCUSEZ-MOI,, ETES-VOUS?
بالايجاب تبرق عينها،،وتحيه بأسمه،يستأذنها بالسير معا ويسألها عن وجهتها..مستعرضا معرفته بدهاليز الشوارع الفرنسيةويتعمد القول بسكنه فى شارع"مونمارتر"حيث المشاهير والفنانين
يستعرض خدماته ،، لتوضيح ما أل اليه من نفوذ؟
تحدث نفسها :أالازلت روحى مسربة بهواك؟ لقد تركتنى لتأكلنى الحيرة وتلقى باشلائى متفرقة كأوزريس فى الاسطورة،، بحركة غريزية اختبئت من الاحتياج لك بالانزواء عنك
ليس من فرط حبك بل من قسوة غدرك،اسلمت جسدى لرجال غيرك ،وتخيلتك –مررا- تشاهدنى انتفض نشوى تحت رجلا اخر لانتقم من غروك و رجولتك الزائفة
..بنبرة ساخرة : اصبحت عاهرة مقننة.
اخدتهم الاهتمامات المشتركة لمتحف اللوفر..تشاغلا بلوحاته وتماثيله البشرية ملونة الاوجه للساعات،،
عنف نفسه لرغبته بضمها اليه، اليست –تلك- من كرها حتى نساها،كان باستطاعته معرفة اخبارها أوالسؤال عنها،لكنه تغاضى ومضى بحياته،لا انكر- احيانا -كنت افكر بك.، لكنه حينها –يردد ان الاوان فات ،ويغلق الباب على نفسه بإرتياح .
يتابع اهتمامها المبالغ به للوحات المعروضة.
بسخرية يردد بداخله: تتعمدين تجاهل ماضينا بينما يتدلى على صدرك دلاية مفتاح الحياة الفرعونى-هديتك بعبد ميلادى-لقد زرعت بذرتى بداخلك ..بكل ابنائك
دموعك مهما تعددت وتبدلت اسبابها،انا جنينها المستتر..
فجأة يمسك بذراعها ويخيرها مابين ثلاث:
الذهاب لعرض مسرحى ل"لاكوميدى ديفين" أم باليه "غارنيه أم مسرح فرانسيز؟ ويلمح ساخرا لرقصة الكان كان
" ارجح تفضليها للاقتراح الاول ،يستهوينا الكتاب المؤخده عنه هذه المسرحية -"بداخله-
ترجع برأسها للوراء متعجبه:"أتم تحويل" الكوميديا الالهية"لعرض مسرحى،اعرف فقط بتحويلها لمسرح كنسى
بزهو يجيب:عرض جديد وسأذهب لتقيمه ،وبمكرر يكرر سؤاله؟
بالمسرحية.يفتتن بها وبتعليقاتها الذكية،،يغريه عقلها مجددا ليصبح حاضره كأمسه،لكنه يتشاغل عنه،بالتركيز بالمسرحيةوتدوين ملاحظته.
تنتهى المسرحية ويكملا السير حتى غابات "بولونيا" حيث اشجار الكستناء التى تحدد جوانبها..من بعيد تتلاءلاء اضاءة برج ايفل المسائية..ليضم يديها براحتيه وحلمهما القديم بتناول العشاء بمطعم
بدوره الثانى ،،يسألها ..متيقنا بعدم قدرتها على الرفض؟Le Jules Verne
الطاولات واغطيتها الدمشقية قشدية اللون،اضواء الشمعدنات الفضية والموسيقى الحالمة ،، ادوات المائدة الفضية والاطباق ذهبية الحواف وما تحمله من أكلات بحرية يعشقها معا
يتشاغلا بالسمر عن خيبات ماضى حاضرة بينهم،
،يحدث نفسه:لم اعهدك بهذا الجمال.. حركات رموشك تلاعب اوتارى كعودا شرقى،يحتضن نغماته ليل شعرك المنسدل،،لمعان عينيك لم يخبو،شفتيك والشهد المنسال بينهم،زادتك الايم نضوجا عذبا واثارة طاغية،
أهذه حنين اليك أم لشبابى؟
تستاذنه للذهاب للمرحاض و قبل نهاية الممر تنهمر دموعها على كل ما مضى،، قيامها بالفجر وصلوتيها له،حلمها ان يشيباسويا،ان تحمل طفله بداخلها-الذى اجهضته مرة كى لا تحمله عبئهه،دعواتها لله واستجابته اليها بفك كربه وتهلل اساريره، كيف كانت مؤمنة به جتى اوصلها للكفر بكل ماتؤمن، الايام اكدت لها ان حبه صليب من الالالم تحمله على كتفياها حتى الممات


تجفف دموعها وتصلح من زينتها بينما تقول بلوعة


"الله" بينى وبينك
اعلنت دقات الساعه انتصاف الليلة ولابد لسندريلا ان تتبدل ،،فتلقى بحبها ارضا فى طريقها للرجوع اليه
تجاوره وفجأة تهتز الاضواء،،تتأرجح القاعة..تنقلب الطاولات وتتحطم الاوانى...تتوقف الموسيقى وبانقطاع الاضاءة تعلو الصراخات ،تتماوج القاعه مجددا بعنف اكثر،،فتتشبث به تحت احدى الطاولات ..يطوقها بذراعيه ويمسكها بقوة،،يحاوطهما الصراخ والبكاء..حينما اضاءات اشارات المخارج تكابل الناس فوق بعضهم وتتدافعوا غير عابئين بمن تدوس اقدامهم..الفوضى تعم المكان وتفضح النفوس خلف الملابس البراقة،
.تركها قائلا:لا تتحركى ساعود بعد دقيقة
راته يحاول الاتصال بالجريدة لايفاد مصور.لكن الخطوط تعناده واكمال المكالمة..الضجيج يعم القاعة،يتلفت حوله باحثا عن كيفية مساعدة الناس ،،..الكل خائف من توابع هذا الزلازل، الجو يثير الرعب الطاولات المنقلبة راسا على عقب تشكل حواجزوصوت تهشم الزجاح تحت الارجل المتدافعه يزده رعبا . صوت عربات الاسعاف القادمة وخراطيم رجال المطافى تحاوط المكان بالخارج، لكن جدار اسمنتى يفصلها عما يدور،وتقول بصوت مسموع: ..لم تغيره الايام بل زادته سواء
افتتن كلانا بالايام ،هو بفتنة بريق الاحلام، وانا فتنة تدهور الاحوال.
و.كلانا خسر نفسه
..أكان فراقنا رحمة أم لقائنا رحمة؟
توالى الاسئلة المبهمة يعميها عن اسلاك كهربائية تشتعل بجوارها،وتطاير شرارتها من حولها،تمسك
بها..تعلو صرختها التى ميزها رغم الجلبة من حوله..يهرع اليها.لتقع جثة هامدة يتطاير منها دخانا اسودا بين ذراعيه..للمرة الاولى يشعر بإشتياق لا ينكره..يضمها اليه بلهفة سنين مضت..يتذكر ماتعمد نسيانه...طغيانه دموعها،،ظلمه ضعفها
ياخدها عنوة من بين ذراعيه رجال الاسعاف ،ليختفى وجهها تدريجيا مع اغلاق سحاب المشمع الابيض
يتابعها مذهولا فاتحا فيه
من بعيد يراقبه مصور شاب لاحدى صحف النميمة،،يغريه المشهد وماسيجنيه من مديح امام رئيسه..يصوره
فتبرق عيناه غضبا ولكن تتابع الفلاش و وهجه الابيض يعميه مؤقتا لينهال عليه بالسباب واللعن واتهامه بالانتهازية..
يقطع فوران غضبه ،رنين هاتفها -فجأة-
تهتز اركانه لنغمته وكلماتها:
سلمللى عليه.. قوله انى بسلم عليه،
بوسللى عينه.. قوله انى ببوس عينه